أخـي الزائر/أختـي الزائرة أعضـاء المنتـدى يبذلون مجـهودات كبيرة من أجـل إفادتك .فبادر بالتسجيل لافـادتهم أو لشكرهم.ولا تبـق مجرد زائر فقط .نحن في انتظار ما يفيـض به قلمـك من جديد ومفـيد.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أخـي الزائر/أختـي الزائرة أعضـاء المنتـدى يبذلون مجـهودات كبيرة من أجـل إفادتك .فبادر بالتسجيل لافـادتهم أو لشكرهم.ولا تبـق مجرد زائر فقط .نحن في انتظار ما يفيـض به قلمـك من جديد ومفـيد.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أخلاق رسول الله

اذهب الى الأسفل

جديد أخلاق رسول الله

مُساهمة من طرف sa3id الإثنين نوفمبر 15, 2010 2:10 am





أخلاق رسول الله

فضيلة الشيخ / عبد المحسن العباد


كان -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقاً، اجتمع فيه من أوصاف المدحوالثناء ما تفرق في غيره، فقد صانه الله سبحانه وحفظه من أدنى وصف يعابصاحبه. كل ذلك حصل له من ربه فضلاً ومنةً قطعاً لألسنةِ أعدائه الذينيتربصون به ..







تعريف الخلق: الخُلق بضم اللام وسكونها: الدين والطبع والسجية. [ابن الأثير في غريب الحديث].
وفي الاصطلاح: يطلق إطلاقين أحدهما أعم من الثاني فيطلق على الصفة التيتقوم بالنفس على سبيل الرسوخ ويستحق الموصوف بها المدح أو الذم، ويطلق علىالتمسك بأحكام الشرع وآدابه فعلاً وتركاً، ومن الأول قوله -صلى الله عليهوسلم- لأشج عبد القيس: (إن فيك لخلقين يحبهما الله الحلم والأناة) قال: يارسول الله أخلقين تخلقت بهما أم جبلت عليهما قال: (بل جبلت عليهم) قال:الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله.

ومن الثاني قوله -صلى الله عليه وسلم-: (البر حسن الخلق) وقول عائشة رضيالله عنها في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[القلم: 4]، كان خلقه القرآن. هذا تعريف الخلق في اللغة والاصطلاح.

أخلاقه الفاضلة وسجاياه الحميدة

كان -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقاً، اجتمع فيه من أوصاف المدحوالثناء ما تفرق في غيره، فقد صانه الله سبحانه وحفظه من أدنى وصف يعابصاحبه. كل ذلك حصل له من ربه فضلاً ومنةً قطعاً لألسنةِ أعدائه الذينيتربصون به ويقفون في طريق دعوته محذرين منه أحب شيء إليهم تحصيل شيءيعيبونه به وأنى لهم ذلك.

فقد نشأ -صلى الله عليه وسلم- متحلياً بكل خلق كريم، مبتعداً عن كل وصفذميم، فهو أعلم الناس وأنصحهم وأفصحهم لساناً، وأقواهم بياناً، وأكثرهمحياءً، يُضرب به المثل في الأمانة والصدق والعفاف.

أدبه الله فأحسن تأديبه فكان أرجح الناس عقلاً، وأكثرهم أدباً، وأوفرهمحلماً، وأكملهم قوة وشجاعةً وشفقةً، وأكرمهم نفساً، وأعلاهم منزلةً،وبالجملة كل خلق محمود يليق بالإنسان فله -صلى الله عليه وسلم- منه القسطالأكبر والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه وأبعدهم عنه شهدله بذلك العدو والصديق.

وفيما يلي أورد بعض الشهادات التي شهد له بها الموالون له والمعادون،والتي تدلُ دلالةً واضحةً على تمسكه بالأخلاق الحسنة قبل أن يبعثه اللهتعالى وذلك معلوم من الدين بالضرورة.

1- شهادة خديجة رضي الله عنها:
لما أوحى الله إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم- في غار حراء لأول مرة ورجعإلى خديجة أخبرها الخبر وقال: (لقد خشيت على نفسي. فقالت له رضي اللهعنها: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكَلَّ وتكسبالمعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق) [رواه البخاري].

2- شهادة كفار قريش عند بنائهم الكعبة:
ولما قامت قريش ببناء الكعبة قبل بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- تنازعوافي رفع الحجر الأسود إلى مكانه، واتفقوا على تحكيم أول من يدخل عليهمالباب، فكان أول داخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففرحوا جميعًاوقالوا جاء الأمين جاء محمد. وقد كانوا يلقبونه بلقب الأمين لما يعلمونهمن أمانته صلوات الله وسلامه عليه...

3 - شهادة كفار قريش بصدقه -صلى الله عليه وسلم-:
ثبت في صحيح البخاري أنه -صلى الله عليه وسلم- لما نزل عليه ﴿وَأَنْذِرْعَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء:214] صعد على الصفا فجعل ينادي يابني فهر يا بني عدي – لبطون قريش – حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطعأن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال: (أرأيتم لوأخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي) قالوا نعم ماجربنا عليك إلا صدقًا قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) فقال: أبولهب: "تبا لك ألهذا جمعتنا.."

4 - شهادة أبي جهل بصدقه -صلى الله عليه وسلم-:
تقديم الحديث الذي رواه الحاكم بسند على شرط الشيخين أن أبا جهل قال للنبي-صلى الله عليه وسلم-: "إنا لا نكذبك لكن نكذب ما جئت به". فأنزل الله﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لايُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾[الأنعام: 33].
ولما قال له الأخنس بن شريق: "يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أمكاذب؟"فقال: "ويحك والله إن محمدًا صادق وما كذب محمد قط" الخ..

5- شهادة أبي سفيان بين يدي هرقل ملك الروم بصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووفائه:
فقد روى البخاري في صحيحة عن ابن عباس رضي الله عنه أن أبا سفيان بن حربأخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا ذهبوا إلى الشام لأجلالتجارة في المدة التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مادا فيها أباسفيان وكفار قريش .فأتوه بإيليا فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثمدعاهم ودعا بترجمانه فقال: "أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يزعم أنهنبي" فقال: أبو سفيان "فقلت أنا أقربهم نسبا" فقال: "أدنوه مني وقربواأصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال: لترجمانه قل لهم أني سائل عن هذا الرجلفإن كذبني فكذبوه. فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليّ كذبًا لكذبتعليه، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: "كيف نسبه فيكم" قلت: "هو فينا ذونسب" قال: "فهل قال هذا القول أحد منكم قط قبله" قلت: "لا" قال: "فهل كانمن آبائه من ملك" قلت: "لا" قال: "فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفائهم" فقلت:"بل ضعفاؤهم" قال: "أيزيدون أم ينقصون" قلت: "بل يزيدون" قال: "فهل يرتدأحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه" قلت: "لا" قال: "فهل كنتم تتهمونهبالكذب قبل أن يقول ما قال" قلت: "لا" قال: "فهل يغدر" قلت: "لا ونحن منهفي مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئًا غيرهذه الكلمة" قال: "فهل قاتلتموه" قلت: "نعم" قال: "فكيف كان قتالكم إياه"قلت: "الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه" قال: "بماذا يأمركم"قلت: "يقول أعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا واتركوا ما يقول آباؤكم،ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة" فقال: "للترجمان قل له سألتك عننَسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذالك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هلقال أحد منكم هذا القول قبله قط؟ فذكرت أن لا، قلت فلو كان أحد قال هذاالقول قبله لقلت رجل يأتي بقول قيل قبله، وسألتك هل كان في آبائه من ملك؟فذكرت أن لا قلت فلو كان من آبائه من ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه، وسألتكهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، قلت لم يكن ليذرالكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟فذكرت أن ضعفاؤهم اتبعوه وهم إتباع الرسل وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرتأنهم يزيدون
وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك أيرتد أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه؟فذكرت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب، وسألتك هل يغدر؟فذكرت أن لا وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بماذا يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركمأن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركمبالصلاة والصدق والعفاف. فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين وقدكنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليهلتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه.
ثم دعا بكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي بعث به إليه مع دحية بنخليفة الكلبي – فقرأه قال أبو سفيان فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتابكثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات فأخرجنا فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمرابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر فما زلت موقنًا أنه سيظهر حتىأدخل الله على الإسلام..

ففي هذه القضية آيات بينان ودلالات واضحات على نبوته -صلى الله عليه وسلم-وأنه -صلى الله عليه وسلم- صادق فيما جاء به ومحل الشاهد من القصة شهادةأبي سفيان بن حرب وهو من أشد أعدائه في ذلك الوقت على – اتصاف الرسول -صلىالله عليه وسلم- قبل أن يبعثه الله بالصدق وأنهم لا يتهمونه بالكذبوبالوفاء وأنه لا يغدر.

6 - شهادة السائب المخزومي له -صلى الله عليه وسلم- بحسن المعاملة والرفق قبل النبوة:
روى أبو داود وغيره أن السائب المخزومي كان شريك النبي -صلى الله عليهوسلم- قبل البعثة فجاء يوم الفتح فقال: (مرحبا بأخي وشريكي لا تداري ولاتماري، وفي لفظ أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- كنت شريكي في الجاهليةفكنت خير شريك لا تداريني ولا تماريني، وفي لفظ شريكي ونعم الشريك كنت لاتداري ولا تماري).

7 - شهادة عبد الله بن سلام رضي الله عنه بصدقه -صلى الله عليه وسلم-:
روى أحمد وأصحاب السنن عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: (لما قدمالنبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة كنت ممن أنجفل فلما تبينت وجهه عرفتأن وجهه ليس بوجه كذاب فسمعته يقول: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلواالأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام ).

8 - شهادة مكرز بن حفص بن الأحنف له -صلى الله عليه وسلم- بالوفاء في جميع مراحل حياته:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية قد أبرم صلحًا بينه وبينقريش على أن يرجع ويعتمر من العام المقبل، ومن الشروط التي اشترطتها قريشعلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يدخل مكة بسلاح الراكب فقط (السيوفمغمدة) فلما قدم -صلى الله عليه وسلم- في عمرة القضاء استعد بالخيلوالسلاح لا ليدخل بها الحرم وإنما لتكون في متناول يده لو نكثت قريش،وعندما قرب -صلى الله عليه وسلم- من الحرم بعث بها إلى يأجح. وكان خبر ذلكالسلاح قد بلغ قريشًا فبعثت مكرز بن حفص في نفر من قريش إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالوا: "يا محمد ما عرفت صغيرًا ولا كبيرًا بالغدرتدخل بالسلاح في الحرم على قومك وقد شرطت لهم أن لا تدخل إلا بسلاحالمسافر". فقال -صلى الله عليه وسلم-: "وقد بعثنا به إلى يأجح" فقال مكرز:"بهذا عرفناك بالبر والوفاء".

أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- في القرآن

تفضل الله تعالى على خليله محمد -صلى الله عليه وسلم- بتوفيقه للاتصافبمكارم الأخلاق وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ثمأثنى عليه ونوه بذكر ما يتحلى به من جميل الصفات في آيات كثيرة من كتابالله العزيز أقتصر على إيراد بعضها من ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىخُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ فقد أخبر سبحانه في هذه الآية الكريمة عما كان عليهالمصطفى من أخلاق فاضلة ووصف خلقه -صلى الله عليه وسلم- بأنه عظيم، وأكدذلك بثلاثة أشياء بالأقسام عليه بالقلم وما يسطرون، وتصديره بأن، وإدخالاللام على الخبر، وكلها من أدوات تأكيد الكلام، وذلك الخلق العظيم الذيكان -صلى الله عليه وسلم- ورد تفسيره عن السلف الصالح بعبارات متقاربة،ففسره ابن عباس رضي الله عنه بأن الدين العظيم وهو دين الإسلام وبهذاالتفسير فسره أيضًا مجاهد والسدي والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم، وفسرهالحسن بأنه آداب القرآن، وفي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنه أنهاسئلت عن خلقه -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (كان خلقه القرآن) ومعنى ذلك أنامتثال ما أمره الله به واجتناب ما نهاه عنه في القرآن وصار له خلقًاوسجيه، وقد أشارت عائشة رضي الله عنها إلى ما يوضح هذا المعنى في حديث آخرمتفق على صحته وهو أنها قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولفي ركوعه سبحانك اللهم وبحمدك اللهم أغفر لي يتأول القرآن) أي كان يدعوابهذا الدعاء امتثالاً لما أمره الله به في سورة النصر في قوله: ﴿فَسَبِّحْبِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْه..﴾ [النصر: 3].

وقد نوه سبحانه بما جبل نبيه عليه -صلى الله عليه وسلم- من الرحمة والرأفةبالمؤمنين والحرص على ما ينفعهم في دينهم وأخراهم، والتألم من كل ما يشقعليهم بقوله سبحانه ممتنًا على المؤمنين بإرساله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْرَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌعَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:128]، وقال:﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِييَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِيَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّلَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُعَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ والأغلال﴾[الأعراف:175]، وقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْيُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ [الحجرات: 7]. وأشارسبحانه إلى ما اتصف به -صلى الله عليه وسلم- من اللطف والرفق بأمته بقولهتعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَفَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك﴾ [آل عمران: 159].أما ما اتصف به -صلى الله عليه وسلم- من النصح والأمانة والقيام بأداءالرسالة على الوجه الذي أراده الله فقد ذكره سبحانه

بقوله: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَايَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 1- 4].ويقول تعالى يعني محمدا -صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَمَا هُوَ عَلَىالْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ [التكوير: 24] وفيها قراءتان -بالظاء - والمراد بهالمتهم، وبالضاد والمراد به البخيل، وكلا هذين منفي عنه -صلى الله عليهوسلم- فليس هو - متهم بكتمان ما أرسله الله به وليس ببخيل بما أنزل اللهعليه بل يبذله لكل أحد-.

أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- في سنته وأقوال صحابته رضي الله عنهم

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يبعثه الله بالرسالة العظمى فيالذروة العليا من الأخلاق الحسنة صدقا وأمانة وكرما وحلما وشجاعة وعفةوقناعة وغير ذلك من الصفات التي يحظى بالإجلال والإكبار من حصل على واحدةمنها فضلا عمن جمعت له وتوفرت فيه.
ولما بعثه الله سبحانه بالنور والهدى إلى الثقلين الجن والإنس زاده اللهقوة في هذه الخصال الحميدة إلى قوته حتى بلغ الحد الأعلى الذي يمكن أن يصلإليه إنسان مصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "إنما بعثت لأتمصالح الأخلاق"وقد نوه الله سبحانه بتفضله وامتنانه على نبيه وخليله محمد-صلى الله عليه وسلم- في آيات كثيرة كقوله تعالى: ﴿وَلَوْلا فَضْلُاللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْيُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْشَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَمَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيم﴾[النساء: 113] وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْأَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْجَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَلَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَافِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُالْأُمُورُ﴾ [الشورى: 52، 53]. وقوله: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاًمُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَاتَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاًمُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيز﴾ [الفتح: 1- 3]..

وقد اختار سبحانه لنبيه -صلى الله عليه وسلم- أصحابا هم خير هذه الأمةالمحمدية التي هي خير الأمم، وقفوا حياتهم في سبيل تبليغ دعوته وحفظ سنتهتحقيقا لقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُلَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9] ورثوا عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ما جاء بهمن الحق ورثوه لمن جاء بعدهم حتى هيأ الله له رجالا قاموا بتدوينه منهم بلعلى رأسهم الإمامان الجليلان البخاري ومسلم وغيريهما من المحدثين فقدأفنوا أعمارهم جزاهم الله خيرا الجزاء في تقييد تلك الدور الثمينة التيورثوها عن نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم- بواسطة السلاسل الذهبيةالمتصلة بأمثال مالك ونافع وشعبة وأحمد وعلي بن المديني وغيرهم من خيارهذه الأمة وهذه الدرر الثمينة التي توارثوها ونعم الإرث هي تشمل أقوالهصلى الله عليه سلم وأفعاله وتقريرا ته وبيان خلقه وأخلاقه ولهذا يعرفالمحدثون الحديث بأنه ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أوفعل أو تقرير أو وصف خلقي أو خلقي.

ولقد اعتنى هؤلاء الورثة الكرام بتدوين ما جاءهم عن نبيهم -صلى الله عليهوسلم- على سبيل العموم، وبما يتعلق بأخلاقه ومزاياه على سبيل الخصوص،فمنهم من أفرد ذلك بالتأليف، ومنهم من عقد له أبوابا خاصة ضمن المؤلفاتالعامة أورد فيها ما يتصل بخوفه -صلى الله عليه وسلم- ورجائه وخشيته لربه،وجوده وكرمه وإيثاره وحياته ووفائه وصدقة وأمانته وإخلاصه وشكره وصبرهوحلمه وكثرة احتماله، ورفقه بأمته وحرصه على التيسير عليها، وعفوه وشجاعتهوتواضعه وعدله وزهده وقناعته، وصلته لرحمه، وكثرة تبسمه، وعفته وغيرته،إلى غير ذلك من آحاد حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم-.

تفصيل القول في أخلاقه -صلى الله عليه وسلم-

وهذه الأخلاق التي أشرنا على بعض آحادها يحتاج تفصيلها وبسط القول فيهاإلى عدة محاضرات. أما المحاضرة الواحدة فلا تكفي إلا للإشارة على بعض تلكالأخلاق والمزايا الحميدة التي أوتيها -صلى الله عليه وسلم-، فأجدني مضطراإلى الاقتضاب والإيجاز حسب الإمكان..

1-جُوده وكرمه -صلى الله عليه وسلم-:
وقد بلغ صلوات الله وسلامه عليه في خلق الجود والكرم مبلغا لم يبلغه غيره،ووصل فيه إلى الغاية التي ينتهي عندها الكمال الإنساني. ومن توفيق الله له-صلى الله عليه وسلم- أن جعل جوده يتضاعف في الأزمنة الفاضلة يقول ابنعباس رضي الله عنه في الحديث الصحيح: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريلفيدارسه القرآن فلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريحالمرسلة).

جاد بنفسه في سبيل الله فكسرت رباعيته وشج وجهه وسال الدم منه صلوات اللهوسلامه عليه. والجود بالنفس أقصى غاية الجود؛ وجاد بجاهه ومن أمثلة ذلكشفاعته -صلى الله عليه وسلم- لمغيث زوج بريرة رضي الله عنهما لما عتقتواختارت فراقه أشار عليها أن تبقى في عصمته رحمة منه -صلى الله عليه وسلم-بزوجها مغيث. وأخص الأمثلة في ذلك ما أخبر به -صلى الله عليه وسلم- منشفاعته في أهل الموقف التي يتخلى عنها أولو العزم من الرسل فتنتهي إليهفيقول أنا لها -صلى الله عليه وسلم- وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنهقال: "لكل نبي دعوة مستجابة قد دعا بها فاستجيب له، فجعلت دعوتي شفاعةلأمتي يوم القيامة" وجاد -صلى الله عليه وسلم- بما أعطاه الله من المالفما سئل -صلى الله عليه وسلم- شيئا من الدنيا قط فقال لا ولقد جاءت إليه-صلى الله عليه وسلم- امرأة ببردة منسوجة فقالت نسجتها بيدي لأكسوكهافأخذها -صلى الله عليه وسلم- محتاجا إليها ولبسها فقال رجل من الصحابة:(أكسينها يا رسول الله ). فقال -صلى الله عليه وسلم-: "نعم"
فدخل منزله فطواها وبعث بها إليه فقال له بعض الصحابة: "ما أحسنت، لبسهارسول الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد سائلا".فقال: "إني والله ما سألته لألبسها إنما سألته لتكون كفني"قال سهل بن سعدرضي الله عنه: "فكانت كفنه"، هذا مثل من أمثال اتصافه -صلى الله عليهوسلم- بهذا الخلق الكريم فهل بعد هذا كرم يصدر من مخلوق؟ وهل وراء هذاالإيثار إيثار؟. ولقد وصف الله الأنصار في كتابه العزيز بصفة الإيثار فيقوله: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾[الحشر: 9]. وهذه الصفة الكريمة التي اتصفوا بها أسوتهم فيها وفي غيرها منمكارم الأخلاق سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام يقول سبحانه: ﴿لَقَدْكَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]. ولمارجع من حنين التف حوله الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءهفوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "أعطوني ردائي فلو كان لي عدد هذهالعضاة نعما لقسمتها بينكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا .." .
وجوده -صلى الله عليه وسلم- في العطاء لبعض الناس إنما هو لتأليفهم علىالإسلام، فكثيرا ما كان يخص حديثي العهد بالإسلام بوافر العطاء دون منتمكن الإيمان في نفوسهم. ففي غزوة حنين أعطى أكابر قريش المئات من الإبلومنهم صفوان بن أمية فقد روى مسلم في صحيحة أنه قال: "لقد أعطاني رسولالله -صلى الله عليه وسلم- ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليّ فما برحيعطيني حتى إنه من أحب الناس إلي", وروى أيضا عن أنس رضي الله عنه قال:"ما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الإسلام شيئا إلا أعطاه، ولقدجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإنمحمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر". وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلاالدنيا فما يلبث إلا يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وماعليها، أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك الرجل تلك الغنم الكثيرةالتي لكثرتها ملأت ما بين جبلين وماذا كانت نتيجة هذا الإعطاء من رسولالله -صلى الله عليه وسلم-؟ لقد كانت حصول الغرض الذي من أجله أعطاه وهيأنه أصبح داعية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-. لقد كان بدافع من نفسهرسولا لرسول الله إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام ويبين لهم كرم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وأنه يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. وهكذا كان رسولالله -صلى الله عليه وسلم- يبذل المال في سبيل نصرة الإسلام والدعوة إليهوالترغيب فيه، ينفق مال الله الذي آتاه في سبيل الله حتى توفاه الله ودرعهمرهونة في دين عليه صلوات الله وسلامه عليه.





المصدر موقع طريق الاسلام

sa3id
إداري
إداري

عدد المساهمات : 586
تاريخ التسجيل : 13/05/2010
الموقع : www.bawady.rigala.net

https://bawady.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى